نظر إلى نظرة غريبة كأني كائن حط أمامه فجأة،كانت ملامحه تكسوها الدهشة وصاح بوجهي كيف تستيقظ الليل؟
واستأنف ساخرا: لا أحد يفعل هذا؛ ألست من البشر؟
وعندها أدركت انه لا يعلم.. لا يعلم شيئا على الإطلاق . لا يعلم أني اعشق الليل وسحره ؛لجميع مخاوفه وطول وقته ، أحب الليل الذي يعيش معي وحدتي وآلامي ،لا يفرض علي أناس حمقاء تشاركني مجلسي ولا يشعرني بالتوتر والاضطراب الذي اشعر به في النهار.
أحب الليل لأنه وحيد مثلي أحس أحيانا انه طفل صغير يبكي لأنه فقد أمه، آه ويا لوعتي حين اسمع صوت طفل باك اشعر أني حزين للغاية.. اشعر أني السبب في بكائه؛ لا اعلم كيف؟
ولكني اشعر بمسئولية كبيرة تجاهه.. أحس بأني لابد أن اذهب إليه لأهتم به حتى لا يبكي؛ حتى لا يشعرانه بمفرده.
احب الليل لأنه دائما يأتيني بأصدقائه الطيبين ليأنسوا وحدتي
عرفني الليل على صديقه القمر ؛" القمر الطيب" بعدها أيقنت أني لست وحيدا ؛ فهناك كثيرون معي يستمعون إلى في شوق واستمع إليهم باهتمام؛ الكل يتحدث عن نفسه بطريقته.
فأنا أتحدث إليهم بكلماتي وأحيانا بغنائي ،اعرفهم من خلالها على عالمي بما فيه من أشخاص طيبين وغير طيبين، بما فيه من خير ومتعة وخيال..ومادية وأنانية أيضا؛
اعرفهم بعالم ذاتي الحزينة فاشعر بعد ذلك انهم يدركون ما أقوله بل ويشاركونني كل خواطري ومشاعري الحزينة والسعيدة؛ فعندما أتكلم عن أيامي السعيدة أرى ابتسامة القمر الواسعة تشمل الكون كله أرى الليل ونسيمه يداعب الأغصان برقة واشعر به وهو يقبل أحبائه الأزهار.
وحين أتحدث بحزن ويلمح الليل الدموع تموت بعيني تظهر النجوم فجأة في السماء وكأنها تقول لي: "أنت يا من هناك لا تحزن فلتختار منا ما يناسبك ليهتم بك.. بل اختارنا جميعا".
كل هذا يفعله الليل لي " الليل اعظم ظاهرة حدثت لي" فلا أتصور حياتي بدون ليلي ؛ حتى أني أخاف أن أتصور انه لن يأتي ؛لا .لا؛ سيأتي ليلي دائما فهو الوحيد الذي يفهمني يحبني بدون هدف بدون سبب؛ يحبني لان هذه هي رسالته( الحب) فهو يبدأ بالحب وينتهي بالحب.
فحين يغيب فان الحب يموت معه ولكنه يأتي مرة أخرى ليولد الحب من جديد ؛ هكذا والى الأبد.
كل هذا ولا تريدني أن اسهر له خصيصا حتى يأتي. اجل. سأسهر لأشهد مولد الليل ؛ هكذا وبدون ملل لان لحظة ميلاده هي لحظة مولدي فأنا أولد معه يوميا وأموت أيضا معه يوميا، هكذا وأنا سعيدا، اجل فأنا أموت بسعادة من اجله فقط من اجل الليل..
من أجل صديقي الليل.